كتب عبد الله الطحاوي- ولاد البلد- عشرينات
الدكتور إبراهيم الزعفراني، القيادي الإخواني السكندري المعروف، والمدون المحترف الذي باتت مدونته "من الذاكرة" مقصدا للعديد من الشباب الاسلامي وغير الإسلامي..
مع الزعفراني.. أنت مع ذات النسخة المبهرة من القيادات الاسلامية التي رباها واكتشفها الفذ عمر التلمساني مرشد الإخوان الراحل.. أنت مع أبو الفتوح والعريان والجزار وسناء أبو زيد وأبو العلا ماضي وجمال حشمت .. نفس الحالة.. السؤال..التوثب..القلق.. تأتلف عقولهم مع بعضهم بعضا، إذا تكلم الزعفراني تسمع العريان، وإذا خطب أبو الفتوح ترى الزعفراني..
حواري معه دار في سيارته.. ونحن نتحرك داخل شوارع الإسكندرية، حيث أدار مفتاح ذكرياته، ولم يستخدم الفرامل أبدا.. تدرجت سرعة الحوار حتى وصل مؤشر العداد إلى النهاية.. ومع ذلك مازال لديه في "تانك" ذكرياته وخواطره الكثير لم يقله..
لماذا اهتممت في هذه المرحلة العمرية والسياسية بالتدوين؟
في مظاهرات القضاة في شهر مايو 2006 قبض علّي مع عدد كبير من الشباب، وكان في العنبر الذي تواجدت به 130 شابا أعمارهم لا تتجاوز الثلاثينيات، جلسنا 6 شهور، وحكيت لهم عن جيل السبعينيات، وبدأ زملاء كثيرون يتصلون بي، ويطلبون مني عمل مؤلف، فقلت لهم لا وقت عندي، علاوة على أن تأليف الكتاب يتطلب مني التريب الزمني الذي ربما لا أجيده، فقال لي أحدهم عليك أن تكتب كل ما حدث وتسرد الوقائع فقط وسوف نقوم بكتابته تمهيدا لخروجه في كتاب، وقد قمت بالفعل بإرسال حدثين له، ففوجئت أنه أنزلهم على موقع الأستاذ وجدي غنيم، فقررت عمل مدونة نزلت عليها بقية الأحداث بشكل غير منظم وحسب الخاطر. وهل المدونة مكان مناسب للمذكرات؟ وكيف ترى صدى التجربة؟
المدونة وسيط يتيح لي أن أتذكر باستمرار وأقوّم نفسي، وحتى لا يتحمل أي موقع مسئولية كتاباتي، وقد بدأ كثير من الناس يتصلون بي مؤكدين سعادتهم من طريقة الكتابة البسيطة والسهلة والتلقائية التي تكتب بها، ولدي أمل أن أجمع تلك الكتابات والأحداث وأقوم بطبعها في كتيبات.وهل مدونتك من أجل أن تستنفر جيلك؟
بالضبط أنا أستنفر جيلي لكي يكتب، لكنني لم أفلح في ذلك حتى الآن.لماذا؟
للأسف نحن جيل لم يتعود التعامل مع الكمبيوتر لأنه يحتاج لوقت وتدريب.بعد التدوين ما الذي اختلف في حياتك؟
أضفت لرصيدي شبابا من نشطاء التدوين يتصلون بي ويعلقون علي تدويني، في البداية كنت لا أعرف كيف أعلق علي تعليقاتهم، وكانوا يشعرون أنني أتجاهلهم بعدم التعليق عليهم، ولكني قلت لهم بعدما تعلمت كيفية كتابة التعليق وإظهاره أنني لم أكن أجيد كتابة التعليقات قبل ذلك، وبدأت أدخل على بعض المدونات منذ ثلاثة شهور أقرأ وأعلق.مدونو الإخوان هم أكثر فئة تقود معركة الحريات من أجل سجناء وقضايا الإخوان، إلا أن بعضهم يؤكد أن ثمة ضيق بمحاولاتهم في التعبير عن أنفسهم؟
ضيق الصدر مش من الجميع، بعض المسئولين وليس كلهم، فهناك البعض منشرح منهم، ربما بعض الإخوان لا يحبون الحوار ولا يشجعون عليه لاعتبارات معينة، لكن المدونات قد أظهرت هذا النوع من الحوار والذي أظنه كان موجودا داخل الإخوان!. البعض حاول تصويرهم علي أنهم حالة تذمر، وآخرون شرعوا في وضع ضوابط لسلوك الأخ المدون..ما رأيك؟
أنا أشجع الشباب علي التحاور بس على القواعد الأخلاقية بشرط ألا ينال أحد من أحد وألا يحتقر أحد من فكرة أحد، فيه أفكار جيدة جدا وقد احتفظت في "الفيفورت" 150 مدونة بعضها لشباب الإخوان وبعضها لغيرهم، ويوميا أقف على 15 مدونة وأمر على بعضها سريعا، وأقف عند بعضها وقتا طويلا وأتأمل الإنتاج الفكري، في بعض الأوقات ألمس مجهودا مبذولا والبعض الأخر يكون ضعيفا.مرة ثانية.. هل أنت مع تصنيفهم كحالة احتجاج؟ وما رأيك في طريقة المعالجة؟
والله أنا شايف الأستاذ المرشد بيرفض تصوير المدونين بهذا الشكل،واعتقد أن الأستاذ عاكف هو متفهم لأدوارهم ويحميهم فالمرشد بطبيعته منفتح ويشجع علي ذلك ، فالمدونين في حماية مرشدهم.وما أكثر مدونة تقرأها وأفضل مدون تحبه؟
أنا لم أطلع على كل المدونات، لكن أقرأ مدونة "أنا إخوان" ولكن لا أستطيع تقييمها، ومدونة إبراهيم الهضيبي وبخاصة مقالته معايير نجاح الجماعات والإخوان نموذجا وقد سعدت به وإن كتب بعدها مقالة عن القطة، وقد قلت له أن ذلك أدابا مكشوفا في تعليقي عليها، ودخلت على مدونة مصطفي النجار حتي بعد ما كتب عنها وما أثير حولها من لغط شديد، فوجدته يفتح موضوعات جادة للغاية ويبحث عن المسموح نقاشة والذي يناقش من خلال مؤسسات الجماعة.لكن النقاش الصحي هو الذي يتم داخل أروقة الجماعة وليس علي الملأ؟
الذي يزعجني ألا يكتب أحد، نتمنى أن يكون الحوار بينا علي المدونات وعلنا، لابد أن تكون حواراتنا علنية، أنا أجد بعض التعليقات المؤلمة للغاية، وأقول ربما الزمن سوف يداويها، فأسلوب الحوار صعب للغاية.لماذا الأجيال التي تلت جيلكم لم تكن منفتحة مثلكم؟
لطبيعة المرحلة التي نشانا فيها، فالسادات عمل انفراجات نسبية، وكان هناك عمل مفتوح دون عوائق، مما أسهم في خروج جيل بهذا الشكل، والتضييق اللي حصل في العهد الحالي جعل الشباب يبتعدون عن المناصب القيادية بشكل عام، وبالتالي بدت عليهم علامات الإنغلاق واضحة، علاوة على أن الإخوان ليسو مدرسة واحدة وكل جيل بدأ يورث الجيل الذي قبلة بطبيعته التي تربي عليها، وقد كتبت عن ذلك في المدونة الخاصة بي، وكتبت عن عمر التلمساني ودوره معنا، وحقيقة أحببته وكل الشباب الذي تعاملوا معه أحبوه كثيرا لأخلاقة وعلمه وقلمه، وعموما الإخوان مدراس مختلطة ببعضها البعض وأصبح من الصعب أن توجد قناعات متوحدة داخل الجماعة.
ما رأيك في الجدل الذي دار حول برنامج الاخوان وتقييمك العام له؟
تصوري أن ذلك سبب لنا خسارة، فالإعلان بهذه الطريقة وبهذا الشكل، بغض النظر عما طرح في البرنامج، خاصة وأن بعض القضايا التي أوردناها صدمت بعض المشاعر، لكن من المهم ألا ننساق وراء البعض الذي يضع العيب على العوائق الأمنية والتي تؤدي إلى ظهور هذه الصور غير المكتملة، ليست العوائق الأمنية فقط هي التي تظهر هذه الصورة، وثمة أخطاء بشرية، وليس من العيب تغيير ما بالنفس.كثيرا ما تطالب بالفصل بين الدعوي والسياسي، ألا يجرك هذا لاتهام بالعلمانية بحسب أحد قيادات الإخوان؟
الحديث المطلق غير دقيق، وإطلاق الأحكام علي هوانا غير صحيح، وقد كتبت تعليقا على ذلك، لأن في تجارب العديد من الحركات والتيارت الاسلامية سواء في المغرب وحزب العدالة والتنمية والأردن، بل وحماس في السلطة، بخلاف الجماعة والتنظيم السياسي، فثمة أدارت وتخصصات تراعي فقط، ونصيحتي ألا يتعجل أحد الفكرة فلربما يظهر أفضل منها، فالشيخ الغزالي كتب مقالين في مجلة الدعوة أن الإسلام يدعو للأحزاب ورفض الإخوان أن ينزلوا هذا المقال وحزن الشيخ الغزالي كثيرا، ولم يكتب بعدها في مجلة الدعوة، وفي عام 1994 صدرت وثيقة عن الأحزاب والأمة مصدر السلطات في حين كنا نري ذلك غير صحيح في الثمانينات.ماذا تقول لمدوني الإخوان؟
أن يتثقف ثقافة تخصصية، بل أيضا يمارس ممارسة على الأرض داخل جماعته بروح وصدر متسع، فعندما نطلب من غيرنا أن يتسع صدرة فمن الأولى أن تتسع صدورنا لتعاملات الآخرين وأفكارهم ووجهات نظرهم، وما قد يألمه من الآخرين، لا يوجد مكان يخل من اختلاف في الرأي والممارسة، فالذي يريد الخير لجماعته فعلية الصبر على ما في هذه الجماعة بإخلاص وبجد.هل أولادك أو زوجتك الناشطة السياسية السيدة جيهان الحلفاوي من المدونين؟
لدي أربع بنات وولدين وليسوا من المدونين، وكذلك زوجتي، وقد شجعتها على ذلك ولكنها لم تفعل.